[B][SIZE=5]الوطن هو روح الإنسان ونبض قلبه ، فالمرء بلا وطن يؤويه أشد بؤساً من سجين في قيد يؤذيه ، ودون الأوطان قامت حروب و أزهقت أرواح ، وتمزقت أشلاء، وإن أقسى أنواع العذاب تشريد الإنسان عن أرضه التي ولد فيها وترابه الذي عاش عليه وترعرع ،
ولهذا الحب الدفين أصبح الانتماء للوطن سمة بارزة لكل شريف ، وتنافسوا في إثبات هذا الانتماء ، متفقين أن الوطنية هي الولاء التام للوطن ، بمحاربة الفساد ، وبناء المجتمع ، وحراسته من الدخلاء .
وليس غريبا أن يختلف أهل وطن واحد في طريقة التعبير عن ولائهم لوطنهم ، فهناك مساحات حرة على أرض الوطن تتحمل وجهات النظر ، والنفوس الكبيرة هي وحدها من يتفهم هذا الاختلاف لمعرفتها بالطبيعة البشرية التي فُطر الناس عليها من اختلاف الأذواق والأفهام والاتجاهات , والله تعالى يقول ( ولايزالون مختلفين )
وعليه فليس لأحد الحق أن يحتكر الوطنية في شخصه وأنه وحده المخلص الذي لا يُنافس ، وأن غيره دعاة فتنة ، وأهل ضلال وفساد ، والاعتراض بالأدب حق لكل عاقل يبتغي ، أما تُخَوّن أو تتهم الآخرين في نواياهم ، فتقصي من يخالف ، وتألب الآخرين عليه فلا ، لأننا ندور في فلك الرأي والرأي الآخر .
وإن لم نعي هذا الاختلاف فإن الأمر سيبلغ التعدي البدني و قذف الأعراض ، وانتهاك الحقوق، وتدخل الجهات المسؤولة المخولة باسترداد الحقوق ومحاسبة المخطئ ، حتى لايصبح الأمر فوضى .
والوطنية تقبل التعددية الثقافية والفكرية والدينية وقد ساكن النبي عليه الصلاة والسلام اليهود في المدينة وتعامل معهم بالحسنى، وما اعترض عليهم في عبادة و لا فكر حتى تعدوا وغدروا وخانوا العهد والميثاق فقتل من يستحق القتل وأخرج من يستحق الطرد والإخراج .
إذا نحن بحاجة إلى صياغة فكرة الوطنية ، وإلى تخفيف حدة الصراع حول مفهومها الواسع ، وإلى اتساع الصدور لتقبل الأمر كما ينبغي أن يكون.
وكل يمارس وطنيته بما يمليه عليه ضميره الحي دون احتكار لها في ذاته أو منهجه وطريقته .
حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين من كل شر .
محمد المضياني
@m_f_al3enzi
الخرج 11 / 10 / 1436هـ[/SIZE][/B]