أصبحنا اليوم نعيش في عصر التغيرات السريعة والمتلاحقة, وثورة تكنولوجيا الاتصالات التي تمثلت في شبكة الانترنت, والتي تجاوزت تأثيراتها الأبعاد المادية لحياة الإنسان, إلى خلق عالم موازي للعالم الواقعي الذي يضم العديد من المجتمعات والثقافات المختلفة والتي تتباين تباينا واسعا في الأرض وتصل إلى أبعد حد بفعل عوامل إقليمية وجغرافية ودينية وطبقية .
ومن هنا انطلقت ثقافة جديدة لأبنائنا ألا وهي الثقافة الافتراضية! بالرغم من جميع الحواجز, فلا تتعجب يوما أن يقدم لك ابنك قائمة متكاملة بالجامعات العالمية وتخصصاتها الحديثة, بل ويصف لك طريقة التدريس والأنظمة واللوائح ويتعدى ذلك إلى وصف المباني, بينما يجهل بعض الأشخاص المقيمين بها ذلك! ولا تتعجب من ابنك حينما يخبرك عن غرائب شعوب العالم وتقاليدهم ودياناتهم بل وعاداتهم وكأنه يعيش بينهم . إنها الثقافة الافتراضية التي نشأت بالرغم من التباين الهائل بين الثقافات الإنسانية حول العالم نتيجة إذابة هذه الحواجز عبر الشبكات الاجتماعية التي تجعل أبنائنا يدخلون المنظمات العالمية ويعيشون بين الشعوب ويتجولون بأرجاء الدول. واقصد بالثقافة هنا ما يكتسبه الفرد بوصفه عضوا في هذا المجتمع من الماديات والأفكار والقيم والاتجاهات وباختصار هي نتاج الإنسانية في مجتمع ما.
وتكتسب هذه الثقافة أهميتها كونها مؤثرة على تفكير الفرد وسلوكه لتشكل لديه القيم والاتجاهات, ومن هنا برزت أهمية دور الاتصال الإنساني وحسن الاستماع بين الأب وابنه وخلق جو من الحوار والمناقشة بحيث يشيد بالجيد والإيجابي ويقدم النقد المبرر للجانب السلبي من تلك الثقافات, ويفضل توجيه الأسئلة الهادفة التي تستثير تفكير الابن ليستنبط إيجابياتها وسلبياتها, كما تضاعف دور الأب في ابتكار الطرق الجديدة للرقابة عن بعد, وإيجاد طرق إقناع تتناسب مع مرحله الابن العمرية ولا مانع من عمل دراسات جدوى لضمان نجاح هذه الطرق, ويتوج ذلك كله الدعاء الصادق بصلاح الأبناء وعدم تجاهل الدور التربوي في ظل هذه الأزمات والتحديات التي اجتاحت البيوت لتجد طريقا إلى العقول.
إنّ هذه الأساليب لابد من إتباعها في ظل العواصف التكنولوجية وأثارها التي بدأت تغطي مساحات شاسعة من الفكر البشري لتغير طريقة تفكيره وسلوكه وتسلخه من قيمه واتجاهاته وفوق ذلك دينه, فتزيد بذلك مساحة الاغتراب النفسي والاجتماعي وتقلص الفجوة بين واقعنا وواقع شعوب العالم لتعيش شعوب العالم بلا هويه.
فما أجمل تلك الفجوة وبارك الله فيها إن كانت ستحفظ علينا إطارنا الثقافي وتحفظ علينا ديننا وقيمنا وتقاليدنا الإسلامية المحافظة.
[B][ALIGN=CENTER][COLOR=red]بقلم / غالية بنت عبد العزيز[/COLOR][/ALIGN][/B]
التعليقات 1
1 ping
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
04/07/2010 في 2:01 م[3] رابط التعليق
مقااااااال راقي سلمت اناملك
أول مرة اسمع الثقافة الافتراضية
واصلي الكتابة وافيدينا بالمصطلحات الجديدة
بانتظار جديدك
(0)
(0)