الإنسان السوي اجتماعي بطبعه , وعندما ينشأ هناك مجتمع ما فإنه ينشأ معه طبقات بين أفراده سواء كان هذا المجتمع كبيرا أم صغيرا متطورا أم متخلفا , وفي هذه الحالة فإن الطبيعة البشرية تحث الإنسان للبحث عن التميز ( الإيجابي ) والرقي بمستواه المعيشي والاجتماعي , فكل إنسان ناجح يبحث له عن مكان بين المتميزين وإلى هنا يكون الوضع طبيعيا بل هو العمل المطلوب لرقي المجتمع وتطوره للأفضل وهي العلامة الصحية للمجتمعات الحية والمنتجة والمتميزة .
وبما أن التميز نسبي بحسب فهم وثقافة كل مجتمع , فإنه بالتالي من يطلق عليه مميز في مجتمع ما , ليس بالضرورة مميزا في جميع المجتمعات , وعلى سبيل المثال فإن الرجل المتزن في مجتمعنا الذي يبحث له عن زوجة مميزة عن بقية قريناتها , فإن أهم أوجه البحث عن التميز هو الدين ثم ... فلا مجال في مجتمعنا للمقارنة بين المتحررة والمتدينة عند البحث عن زوجة ( إذا استثنينا الشاذين فكريا وخلقيا ) بينما في الغرب النصراني العكس تماما فالمتدينة ليس لها مكان بين مجتمعهم الشهواني بل أكثر من ذلك فإن البنت التي لا تزال بكرا بعد البلوغ تعتبر بعرفهم السقيم شاذة !!! وبالتالي تنشأ نسبية التميز , مع الأخذ بالحسبان اشتراك المجتمعات في بعض حالات التميز .
وعلى الرغم من أن الفوارق الثقافية بين المجتمعات هي التي تحدد من هو المميز من غيره إلا أن الذي يهمنا هنا هو مجتمعنا والذي يبحث بعض أفراده عن التميز بصورة قد تكون شاذة نوعا ما ولا تعدو كونها محاولة لسد نقص , أو تعمية على فشل , أو محاولة للركض خلف الموضة لا لشيء إلا لأنه يعجز عن أن يكون متميز حقيقة محاولا بالتالي الهروب من حالة الفشل أو ( العادية ) التي يعانيها إلى حالة من النشوة النفسية الخادعة بمجرد حصوله على ما أطلق عليه بعض أفراد المجتمع ظلما وعدوانا مسمى تميز وبالتالي كل من يمتلك هذا المميز فهو مميز وهذا في الحقيقة نوع من المخدر الفكري بحيث يكتفي هذا المخدوع بما حصل عليه من التميز الخالي من أي تميز ويتوقف عن البحث الحقيقي والجاد بل وحتى محاولة التفكير بالتميز بل الأدهى والأمر أن يصبح التميز المنزوع من مضمونه هو المهم والأهم والأكثر أهمية لأن بعض أفراد المجتمع أرتضاه بديلا عن التميز الحقيقي ويصبح الفرد ويمسي وكل همه الحصول على الوهم وهو في الحقيقة مجرد تسمية غير حقيقية تسقط مع أول مقارنة بين أثنين متميز حقيقي ومظهرجي ( متظاهر بالتميز ) وحتى لا ندخل في متاهات التميز الشكلي ومجالاته سنختار نوع من التميز الشكلي الذي لا يغني ولا يسمن من جوع والذي أصبح ظاهرة ففي السنوات الأخيرة يلاحظ أن (المظهرجية ) أصبحوا عالة على المجتمع ووقود يغذي الجيل الذي يأتي من بعدهم من الفاشلين بل أنهم أصبحوا سوقا لتجار المميز , فالتميز أصبح يباع ويشترى لمن يدفع أكثر بل وبدون أي مجهود يذكر , أليس هذا هو عين الفشل ! فعلى سبيل المثال أصبح مجرد تكرار الرقم عدة مرات كرقم الجوال , ولوحة السيارة وغيرها ... رقما مميزا ولكن يبقى السؤال المهم وهو ماذا عن مالك هذا الرقم ؟ ماذا فعل حتى يصبح مميزا ؟ وبأي حق ينتزع لقب مميز من المميز الحقيقي ؟ هل المميز هو الرقم أم صاحبه ؟ ولماذا يعتقد الشخص أنه هو في ذاته مميز بمجرد حصوله على الرقم المميز ؟ وإذا كان لا يعتقد بأنه مميز بمجرد حصوله على الرقم المميز فلماذا يحصل عليه أصلا وبأسعار خيالية ؟ .
فعلى الراغبين بالتميز ألا يخدعوا أنفسهم بالبحث عن النشوة في مقابل الحصول على مجرد رقم , بل عليهم البحث عن التميز الحقيقي والحصول عليه عن طريق العلم , فشتان بين الباحث عن العلم والباحث عن الرقم .
[B][ALIGN=CENTER][COLOR=red]صالح بن محمد الغامدي
s.m.ghamdi@hotmail.com[/COLOR][/ALIGN][/B]
التعليقات 1
1 ping
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
13/03/2009 في 7:12 م[3] رابط التعليق
أستاذي صالح … تحية طيبة
سلمت يداك ولافض فوك
بالفعل التميز لايأتي بمجرد رقم أو غيره من المظاهر الخداعة
ولكن التميز يكون بمدى نفعك لمجتمعك ورقيك بنفسك لتكون مهما لها ولغيرك ممن حولك.
تقبل مروري بود..
(0)
(0)