عندما يشاهد زائر بناء عظيما يتملكه خليط من الدهشة والإعجاب وينتهي إلى هنا كل شيء , لكنها بداية الحكاية لمن هم داخل هذا البناء , فكلما كان البناء عظيما كانت الحكاية أعجب .
ولهذا السبب توقفت متأملا عند أحد أعظم هذه الصروح أو هكذا ظننت ولا زلت لأتعرف ماذا يفعل من في الداخل للمحافظة على عظمته .
ولأخذ تصور كامل قررت أن أبدأ من الخارج فأخذت أنظر إلى أعلى المبنى لعلي أصل إلى نهايته فبدأت من الطابق الأول فالتالي ثم الذي يليه ولم أنتبه إلا بعد أن وقع العقال على الأرض رفعت عقالي احتراما لهذا البناء العظيم ومؤسسيه وساكنيه .
ثم قررت من فوري التوجه إلى الداخل مسرعا , وكعادة السائل بحثت عن مركز التوجيه أو الاستقبال لإرشادي إلى حيث أبدأ خطوتي الأولى فوجدتهم ! وفي الحقيقة لم أجدهم .
فقررت أن أسلك طريقي مستعينا بالظن والتخمين وتمني الحظ السعيد , فاتجهت إلى الطابق الأول فوجدت أناس كثيرو العدد قليلو الحيلة , يتحركون لا يبرحون أماكنهم يأكلون ويتمتعون ظهورهم منحنية ورؤوسهم مطأطئة ربما بسبب سقف المبنى المنخفض أو قلة الحيلة وضعف الإمكانات أو سوء التغذية أو جميع ما ذكر سألتهم من أنتم قالوا : نحن أهل يومنا وساعتنا وأظن أحدهم قال الأجر اليومي ثم قال قائل منهم نحن أفضل هذا الدور حالا والأعرف بمداخله ومخارجه فحمدت الله أنه قال مخارجه فسألته عن الدور الذي يليه فدلني على شق أكبر من الرقعة في جدار الطبقة الأخرى , فوجدت أناس أكثر عدد وأعلى سقف يتحركون بحرية وطموح أكبر فقررت التوجه إلى المخرج المؤدي للدور الذي يليه فوجدت أمة من الناس بعضهم فوق بعض لم أشاهد المدخل ولم أرد أن أشاهده لهول ما رأيت , فقررت أن أسلك الطريق الأصعب والأقرب فصعدت مع الصاعدين القلائل فرأيت عددا أقل وسقفا أعلى وحرية أكبر في الحركة واتجهت إلى احدهم فسألته كالعادة عن المخرج فأشار إلى حيث يتحرك أناس محدودين تبعتهم وإذا بالباب في أعلى السقف يتدلى منه حبال بعدد الموجودين باستثناء واحد وتساءلت من هو يا ترى هذا المحروم وما المقاييس التي حرمته من الصعود للأعلى عرفت لاحقا إنها الحبال والحبال فقط .
فظننت أنه آخر المطاف لولا أنني رأيت البعض في تلك الطبقة يأتي من الخلف فيصعد على أكتاف غيره فخضت مع الخائضين حتى وصلت بعد جهد جهيد إلى ما أظنه نهاية المطاف ولم يكن كذلك .
فرأيت جدرانا أغلظ وحراسة أشد فجلت بنظري فرأيت طبقة جميع مخارجها تؤدي إلى الأسفل ! لا صعود في تلك الطبقة , فرأيت شخصا ارتحت له من أول نظرة أسلوبه راقي مؤدب ومحترم ومتواضع على غير عادة أغلب تلك الطبقة مثقف وربما عالم فذ أو مخترع عظيم أو مخطط استراتيجي وربما يملك جميع تلك الصفات وربما يملك أكثر مما عرفته عنه يحتفظ في عينيه بألم وحزن عميق وإحباط ظاهر سألته من أنت وكيف وصلت إلى هنا قال : أنا من القلائل الذين وصلوا إلى هنا بدون حبال تسلقت بمجهودي وهذا عرقي شاهد على ذلك وما يحزنني هو أن هذه هي الطبقة الأخيرة التي يمكن الوصول إليها في هذا البناء العظيم رغم أن إمكاناتي أكبر بكثير من هذه الطبقة والتي تليها وتسمح بالوصول إلى الطبقات العليا بل هذا هو المفترض في الوضع الطبيعي عند وجود السلالم ! فانتبهت حينها أنه فعلا ما يميز هذه الطبقة أنها بلا سلالم ! أحدهم نزعها أم لم توجد أصلا , وأخذت أتعجب من كثافة تلك الطبقة وجودة العزل فيها حتى أنني لم أستطع أن أشاهد من بداخلها وكيف وصلوا إلى تلك الطبقة ومبررات وصولهم ولماذا لا يمكنني أن أصل إليها إن كنت أملك المؤهلات المطلوبة وبينما أنا أتقلب بين ( ما ) و( من ) فإذا بصاحبي أيقظني من غفلتي قائلا هنا ينتهي كل شيء .
فبادرته هل فعلا هذه الطبقة المتدنية هي نهاية طموح ساكني هذا البناء العظيم فقال بكل ثقة نعم .
أما لماذا !
فقال : أن الجميع يعلم أن الجميع يعلمون بمن فيهم أنت .
لم أستغرب ولم أندهش ولم أتعجب لأنه كان محقا أنه لا يوجد ما يمنع لكن العجب كل العجب أن هناك من يمنع .
من هم يا ترى وبأي نظام أو قانون يسلبون هذا البناء عظمته .
سيبقى سؤال يدور في ذهن من يهمه أمر هذا البناء .
هل سيظل محتفظا بعظمته ؟ .
الأمل في الله كبير ثم في مؤسسيه وقاطنيه إن شاء الله .
[ALIGN=CENTER][COLOR=red]صالح محمد الغامدي
s.m.ghamdi@hotmail.com[/COLOR][/ALIGN]
التعليقات 1
1 ping
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
26/07/2011 في 2:23 ص[3] رابط التعليق
أستاذ صالح ….تحية طيبة وبعد :
كل عام وانت بخير وأسأل الله ان يبلغك رمضان انت ومن تحب وأنتم بصحة وعافية
لا أملك صراحة إلا أن أقول سجلني واحدا من المتابعين والمعجبين بما تطرح
فقلمك يسطر الابداع
والابداع انت يا أستاذي
تقبل مروري بود..
(0)
(0)