لك أن تتسائل لماذ هذا التشنج الدائم بين المواطن والمسؤول ؟
فالمسؤول في نظر المواطن خائن للأمانة متلاعب ، وكسول
والمواطن في نظر المسؤول عجول ، لا يدرك الأنظمة ، سيء الظن .
الحكاية وإن كانت طويلة إلا أنك تستطيع أن تختصرها في كلمتين ( أزمة ثقة )
يظن المواطن نفسه أنه لم يعد ذلك الساذج الذي يسكت أو تنطلي عليه تصريفات المسؤول ، وربما زاد على ذلك بالمطالبات ، وكشف الحقائق ، والشكاوي .
فأصبح المسؤول في موطن التهمة دائماً وكأنك بين أناس مجرمين لصوص .
ولو أردنا أن نقرب ماتباعد ، ونصل بين ضفتي النهر ، ونرمم الجسر المتهالك حتى نُقرب وجهات النظر ، ونبين ملامح الصورة القاتمة :
في أعتقادي أن الأزمة تنبع من أمرين :
الأمر الأول : غموض المسؤول والفجوة التي يصنعها بينه وبين المواطن .
والثاني : جهل المواطن بالأنظمة والبقراطية المركزية.
هذان هما قطبا الرحى الذي يدور بالأزمة ،
فتجد من الصعوبة في كثير من الأحيان الوصول للمسؤول صغر أم كبير من أجل أن تبث له معاناتك وشكواك ، بسبب ذلك الجدار الفاصل الذي ولد حساسية بينهما وعزل كلا منهما عن الآخر .وتلك المراحل التي ينبغي أن تمر بها قبل أن تصل لمبتغاك .
فمن النادر أن تجد مدير دائرة حكومية ، ينزل من برجه العاجي للمواطنين أو يقف في صالات الإنتظار يتابع ترتيبات العمل والإنجاز بنفسه ، فإن تواجده بينهم يقطع كثير من الشكوك والأوهام التي تدور في رأس المواطن عن ذلك الكائن الغريب الذي يقبع خلف الباب الفولاذي ولا حس له ولاخبر ، والأمر لا يكلف المسؤول الشيئ الكثير إن استطاع أن يرتب برنامجه اليومي بما يخدم مصالح المواطنين .
ثم إننا لا نعفي المواطن من افتعال المشكلة وهو الذي لا يفتر لسانه في صالات الإنتظار وهو يطلق التهم على المسؤولين دون تعقل وتبصر ..
ولا يدري أنه في كثير من الأحيان يقع المدير والمسؤول ضحية لبعض الأنظمة التي تجعل كثير من المعاملات والملفات والحقوق تتأخر وتتراكم على مكتبه ولا يقدر أن يغير شيء .
إذن على الجميع أن يعذر كل واحد منا الآخر :
أيها المسؤول إن المواطن صاحب حاجة فلا يغضبك استعجاله ، تعامل معه بحكمه وهدوء .
أيها المواطن إن المسؤول لديه التزمات إدراية وأنظمة يطبقها ، بالإضافة لوقت الإجتماعات والضيوف والدورات ، والنظر في المعاملات .. وسلسلة طويلة من الإجراءات التي لا تنتهي .
قال تعالى ( كل نفس بما كسسبت رهينة )
وقال تعالى ( بل الإنسان على نفسه بصيرة )
كتبه محمد بن فرحان المضياني
m_f_al3enzi@