ينتشر الأطفال في الشوارع ليس من أجل اللعب بل من أجل التسول أو بيع الورود والمحارم الورقية وأشياء أخرى، مؤخراً عرضت إحدى المحطات الإخبارية تقريراً عن عمالة الأطفال السوريين، كان لافتاً أن عدداً منهم يريد أن يصبح طياراً كي يسافر بعيداً، واسترسل أحدهم بالقول إن جناح العصفور ليس قوياً ويلزمه ريش، وأنا أريد أجنحة قوية كأجنحة الطائرة. هذه الأمنية تعبر عن حالة القلق وعدم الاستقرار والرغبة بالخلاص من واقع أليم فرضته السنوات الخمس الأقسى في تاريخ سوريا الحديث.
إن المحنة الكبرى ليست في خراب الحجر، بل في خراب البشر، النفوس التي تدمرت وأصبحت تعاني من أمراض نفسية مزمنة، لا يقوى أحد عليها، هل هناك أقسى من طفل لا يجد من يحميه، ولا من يمد له يد العون؟
حياة باهظة الثمن تمنع الأهالي من إرسال أطفالهم إلى المدارس، حيث تبلغ نسبة الطلاب المتسربين من المدارس السورية 45 بالمئة، من كانوا من المفترض أن يبنوا المستقبل أصبحوا بلا مستقبل.
حادثة توقيف خمسة عشر طفلاً في درعا، بعد كتابة عبارات داعية لإسقاط النظام كانت أحد أهم الأسباب المباشرة لقيام ثورة الكرامة،
يقول تقرير صادر عن الأمم المتحدة في عام ٢٠١٤ حول أثر الحرب على الأطفال في سوريا: "إن استمرار الحرب يهدّد مستقبل 5.5 ملايين طفل سوري، وهؤلاء جميعهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. منهم 4.3 ملايين طفل داخل سوريا و1.2 مليون طفل لاجئ. وتشير مصادر أخرى إلى استشهاد قرابة 4300، وتهجير حوالى 2 مليون طفل، وبقاء نحو مليون طفل تحت الحصار وجميعهم يفتقدون إلى أدنى الخدمات الإنسانية والصحية والطبابة، والأسوأ أن جميعهم محرومون من التعليم".
يشير أطباء إلى ارتفاع عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية، والالتهاب الرئوي والإسهال. فمعدّلات التلقيح، انخفضت وفق تقرير اليونيسيف من 99 % قبل الأزمة إلى 52 % عام 2012. كذلك ارتفعت عدد الإصابات بالليشمانيا من أقل من ثلاثة آلاف قبل الحرب إلى أكثر من مئة ألف".
أموال لا تعد دخلت إلى جيوب كثيرين كانت مخصصة لأطفال المخيمات وعوائلهم من يحاسبهم؟ لا أحد.
تشير دراسة أجراها مركز "فرونتيير إيكونوميكس" الأسترالي للاستشارات، ومؤسسة "ورلد فيجن" الخيرية، أن خسائر حرب سوريا قد تتجاوز تريليون دولار، دون أن يعي النظام السوري هول الكارثة المدمرة التي يعيشها السوريون يوماً بعد يوم وسط شعارات أكلت الأخضر واليابس ونسيت أطفال سوريا.يقول أحدهم: "أعطوني المال الذي أنفق في كل الحروب وسوف أكسو أطفال العالم بملابس الملوك التي يفتخرون بها".