انتشرت في الآونة الأخيرة موضة تنورة ميدي بين بعض طالبات جامعة الطائف، وهي عبارة عن تنورة قصيرة تصل إلى منتصف الساق وهو ما فجر موجة غضب أولياء أمور من الجامعة واتهموها بعدم تطبيق الأنظمة واللوائح الخاصة بلباس الجامعة. وأرجع خبراء انتشار هذه الظاهرة إلى وسائل الاتصال الحديثة لا سيما الجوال وضعف الرقابة الأسرية.
وقال الدكتور طلال الشريف الأستاذ في جامعة شقراء: انتشار موضة (ميدي) بين بعض طالبات الجامعات من وجهة نظري أمر متوقع الحدوث في العصر الموسوم بالعولمة وتحول العالم إلى مفاهيم الثقافة والسوق العالمية المشتركة وذلك مع غزو أسواقنا ومراكزنا التجارية بأسوأ أنواع الموضات العالمية ووضعها على واجهة المحال التجارية وتوفر وسائل الاتصال والتقنيات الحديثة لنشر وتبادل هذه الثقافات بكل إيجابياتها وسلبياتها.
وأضاف: واقع الحال يشير إلى أن أبناءنا يعيشون حالة من الصراع الفكري والاجتماعي نتيجة للازدواجية والتعارض بين ما يتلقونه من توجيه وتعليم وبين ما يشاهدونه على أرض الواقع.
ورأى أن مجتمعنا ينحو إلى تقليد ومحاكاة الآخرين خاصة في الأمور الاستهلاكية التي لا قيمة لها في حياة الشعوب المتقدمة والمتطورة.
وقال الشريف: أنا أعزو انتشار هذه الظاهرة بين بعض طالبات الجامعات إلى عدة أسباب أهمها ضعف التربية الأسرية بمضامينها الأساسية (الدينية والاجتماعية) وافتقاد القدوة والموجه داخل الأسرة وسوء الرقابة والثقة المفرطة والتأثر الشديد بما يبثه الفضاء من مفاهيم مغلوطة حول الحريات وحدودها ومقتضياتها واهتمام مبالغ فيه بأزياء المرأة وحقوقها إضافة إلى التقنيات الحديثة وعلى رأسها الهاتف الجوال وما يوفره من خدمات الإنترنت في كل زمان ومكان حتى أصبحت مصادر تلقي الثقافات متعددة ومتنوعة دونما رقابة.
وأضاف: وفوق هذا وذاك قناعتي الخاصة بمشروع استهداف المرأة المسلمة باعتبارها نواة المجتمع المسلم ومصدر قوته الأساسي في تكوين أسرة معززة بالقيم والأخلاقيات الإسلامية الفريدة.
ورأى الشريف أنه لمعالجة هذه الظاهرة أو الحد منها طرق عديدة يتوقف نجاحها على إدراك خطورتها في المستقبل على بناء الأسرة المسلمة وذلك من قِبل المعنيين بها وهم الأسر والمؤسسات الإعلامية والمؤسسات التربوية التي يجب عليها مواجهة هذه الظواهر بشيء من التوعية والتوجيه المستمر ووضع اللوائح الحازمة وتطبيقها بفاعلية.
وشدد على أنه لن يتأتى ذلك إلا بسياسات وطنية صادقة ومخلصة لحماية المجتمع والمحافظة على خصوصيته وثقافته بعيداً عن المحاربين والمنتقدين لهذه الخصوصية المنتهك.
وقال المستشار التربوي سعد الشبانة: ظهر في مجتمعنا في الآونة الأخيرة كثير من المظاهر الغريبة وهي عادة تتكرر في كثير من المجتمعات المدنية التي تكون منفتحة على العالم ويساعدها في ذلك سهولة التواصل ونقل المعلومات، وفي المجتمعات الخليجية تبرز هذه القضية بشكل لافت ويعود ذلك لأسباب متعددة.
وأضاف: لعل ما انتشر مؤخراً من ظاهرة الملابس أو غيرها التي لا توافق قيمنا وتربيتنا وانتشارها بين فئات عمرية يدعو للقلق، خصوصاً أنها تنتشر داخل الجامعات التي من المتوقع أن تكون وسيلة الدفاع المهمة لمواجهة مثل هذه المظاهر كونها تضم نخبة من التربويين الذين يعلمون مدى خطورة انتشارها واعتناق كثير من أبنائنا لها.
و وفق “المواطن” أرجع الشبانة انتشار هذه الظاهرة إلى غياب الدور الأسري في توجيه الأبناء والبعد عن لقائهم ومناقشة قضاياهم والاستماع لهمومهم وتعميق التواصل معهم والقرب منهم، كما أن الأسر تعتمد على المدارس والجامعات في القيام بكثير من أدوارها.
ولفت إلى ضعف تركيز الجامعات والمؤسسات التربوية على الجانب الأخلاقي وتعزيز كثير من القيم الرائعة في ديننا وتطبيقها من أعضاء هيئة التدريس قبل الطلاب، وتوقع بعض الجامعات أن دورها يقتصر على الجانب الأكاديمي فقط معللين ذلك بالأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات المنتسبين لها.
وتوقع الشبانة أن تقوم الجامعات بدور مهم في توضيح كثير من المصطلحات التي يحتج بها من يقلد الغرب في المظاهر السلبية مثل الحرية وإمكانية فعل أي عمل وفقاً للرأي الشخصي دون الرجوع لأي شخص، بينما المفترض أن نرجع إلى ديننا وقيمنا الفاضلة ونبذ الأفكار السلبية الرائجة عن مجتمعنا في أنه منغلق ورجعي ولايؤمن بالتغيير الإيجابي.
وشدد أيضاً على أن للجامعات دوراً رئيسياً في توعية الأسرة وتعزيز دورها المهم في محاربة العادات السلبية الدخيلة بصفتها خط الدفاع الأول للمجتمع.
وتمنى أن تكون هذه الظواهر مقتصرة على فئات قليلة وغير مؤثرة وفي بعض الجامعات التي تغيب فيها الرقابة والمتابعة والتوجيه.