عند طرح قضايا القصاص التي هزت مدينة مكة المكرمة معظم السجينات رفضن التحدث ، لكن مديرة السجن خديجة الغريبي طرحت موجزا عن قضيتي قصاص لم يحكم فيهما بعد، لافتة إلى أن أقدم سجينة سعودية مدة محكوميتها 10 سنوات بسبب قتل زوجها حرقا، أما الثانية فقد قتلت طفلها بالتعنيف الجسدي حيث كانت تتعاطى المخدرات هي وزوجها وقضيتها ما زالت تنتظر القضاء بالحكم عليها قصاصا.
تعيش سجينة في سجن النساء بمكة المكرمة، على أمل وحيد هو أن يعفو عنها أبناؤها ويحولوا دون تنفيذ حكم قصاص سيصدر بحقها، لقتلها زوجها حرقا.
فالسجينة وفقا لصحيفة مكة، تقول إنها تجرعت الآلام في منزلها بأحد أحياء مكة، سنوات طويلة عاشتها خلف أبواب مغلقة، وما أن يدخل زوجها المنزل يضربها ويهينها، وبعد أن نفدت منها كل وسائل الفراق من طلاق أو هروب أو شكوى ضد العنف الذي رافقها، قررت أن تحرق نفسها وزوجها بالنار، إلا النار قتلت زوجها وبقيت تحترق بطريقة أخرى وبدموع تنساب على وجنتيها، وهي تنتظر بصيص أمل، رافعة يديها داعية الله أن يكتب لها فرجا وعفوا من عنده بعد أن يرى أهل الخير والإصلاح موضوعها.
وتروي سجينة مكة فصولا من حياتها وأحلامها قبل الزواج والسجن، قائلة: ولدت بمكة في عائلة متوسطة الدخل، وكان أكبر طموحي أن أكمل تعليمي وأتخصص في التمريض لأسهم في مساعدة وشفاء المرضى، لكنني تزوجت وكانت لدي مواد تكميلية في المرحلة الثانوية لم استطع اجتيازها للانشغال بالزواج، ما دفعني للزواج به أن سكان الحي الذي يقطن به، أثنوا على أخلاقه وحسن سيرته، وكونه يعمل معلم إسلامية لم أشك بأنه في يوم من الأيام سيتغير حاله من الأفضل إلى الأسوأ بل سيكون زوجا صالحا اعتمد عليه ويكون سندا لي ولأبنائي مدى الحياة.
وتابعت: بعد مرور عامين من زواجي، تغيرت طريقة معاملته لي فبدأ بالضرب والإهانة خاصة عندما كنت أسأله: لماذا تأخرت عن المنزل؟ فهو كان يغيب 6 ساعات إلى 10، وفي الإجازة يغيب بالأيام دون أن يسأل عن أحوالنا أو يترك لنا بعض المال لشراء احتياجات المنزل، كان يوميا يلبس أفضل ما لديه من ثياب ويتعطر بأفخم العطور ويأخذ معه من المال نحو 4 آلاف ريال ويخرج، وعند عودته بعد غياب أجد أن ملابسه ليست كالتي خرج بها وليس في جيبه مال فبدأت تراودني الشكوك.
وعما دفعها إلى ارتكاب جريمتها، قالت: قبل 6 اشهر سكنت في الشقة العلوية سيدة من جنسية عربية مع زوجها وكانت تريد أن تتقرب مني بحكم جيرتها، ومرات عدة كانت تجد الأبواب مغلقة وأنا حبيسة الدار، كانت أعذاري بأن الأولاد ضيعوا المفتاح، لكن في يوم من الأيام نسي زوجي إغلاق الباب فاستقبلتها وبدأت أسرد لها تفاصيل حياتي ومشكلاتي مع زوجي، حتى جاء يوم وأشارت علي بأن أحرقه بالكاز وذلك بسكب الكاز مكان وجوده حتى تمسك به النار وقد عاونتني بشراء الكاز، وكنت أنوي أن أموت معه، وما أن بدأت في سكب الكاز أشعلت النار ودخلت فورا إلى دورة المياه خوفا من إحراق نفسي وقبل ذلك أغلقت باب غرفة النوم على أبنائي لئلا يصيبهم ضرر.
وأضافت السجينة: أثناء التحقيقات برأت جارتي إلا أنها شهدت ضدي بأن ليس لها علاقة بكل ما افتعلته، وعلمت لاحقا أن زوجي لم يمت حرقا بل جراء الاختناق من الدخان الكثيف، كما اكتشفت نتيجة للتحقيقات أيضا أنه كان متزوجا باثنتين مسيارا.
وذكرت مديرة سجن النساء بمكة المكرمة خديجة الغريبي أن أعداد السجينات تزداد في المواسم وتحديدا من جنسيات عربية وأجنبية، في قضايا أخلاقية وسرقة وقتل وبعد صدور الحكم عليهن وتلقيهن العقوبة المناسبة يرحلن.
وعن السجينات السعوديات، تقول: تختلف أعدادهن من وقت لآخر، لكن عددهن بالإجمال يصل إلى نحو 13 سجينة تختلف قضاياهن ما بين أخلاقية وقتل وغيرها، وهناك سجينات تأتين إلينا من دار رعاية الفتيات لتجاوزهن الـ30 عاما لأن السجون تستقبل من هذا العمر فما فوق.
وتضيف: قد تصل أعمار السجينات إلى 70 عاما تختلف قضاياهنـ، لكن الشائع هي القضايا الأخلاقية التي تنتهي بقصاص ابن السبب الرئيسي في قصاصه هو والدته.
وتابعت: تشتعل الغيرة بين الأبناء عندما يجد أحدهم والدته في وضع مخل بالآداب مع شخص لا يعلم عنه شيئا، فيرتكب جريمة قتل ويحكم عليه بالقصاص، فيما تسجن الأم في قضية أخلاقية.
وتوضح الغريبي أن معظم السجينات يدخلن السجن بنفسية متدهورة وسيئة جدا، فنحضر لهن أخصائيات نفسيات واجتماعيات للبدء في العلاج قبل أن تتطور حالاتهن للجنون، وتتم المعاملة برفق من قبل الإدارة لئلا تتعرقل الأوضاع.
توضح مديرة العلاقات العامة بمستشفى الصحة النفسية بجدة الأخصائية النفسية الدكتورة سميرة الغامدي أن المرأة لديها صفات شخصية مثل بقية البشر، وهي ليست بعيدة عن الصورة الطبيعية.. هناك لدى سائر البشر صفات سيكولوجية وبيولوجية وجسدية متشابهة مع فارق أن البنية الجسدية للمرأة ليست مثل بنية الرجل، ولديها هرمونات تبقيها أكثر رقة وأكثر نعومة، لكنها متساوية مثل جنس الرجال.. فجميعهم يفكرون بالطريقة نفسها ولديهم ذكاء وأحاسيس ومشاعر بنفس الدرجة، وكذلك طاقة وغضب ورضا، لكن تختلف على حسب المعطيات التي تمر بها.
وتضيف: لو كانت هناك أنثى لديها اضطراب الشخصية، فهذا ليس له علاقة بالرقة أو النعومة، فمن الممكن أن تقتل لأن العقل هو الذي يحركها، أو اضطراب في سلوكها وخلل في الاستيعاب، وبعض الأحيان نجد سيدات تعرضن لعنف شديد واضطهاد شديد، مثلها مثل أي كائن، يجعلها تدافع عن النفس بطريقة أو بأخرى. فلو تعرضت لعنف شديد وليس لديها الوعي كيف تقود هذه المشاعر فتلجأ إلى أقرب طريقة للانتقام ومعاقبة الشخص الآخر، وهذا ليس له علاقة بكونها امرأة أو رجل، لافتة إلى أن الوسيلة في القتل تختلف بين الرجل والمرأة، وغالبا ما تلجأ المرأة للقتل بالسم أو إطلاق الرصاص، لكنها تمتنع عن السكين لأنه يحتاج إلى طاقة قوية.