يتكون المجتمع (أي مجتمع) من أفراد يختلف كل منهم في تفكيره وسلوكه عن الأخر، ويعرف المجتمع بأفراده؛ ففيهم المحايد الذي يأكل ويشرب وينام ويعمل ليعيش وكأنه في عالم خاص لا يوجد فيه إلا شخصه الكريم؛ أي كما يقال: كاف عاف لا له ولا عليه، وهذا النوع سلبي (طوعا أو كرها) ويجب استقطابه وإشراكه وعدم تركه لوحده على هذه الحال.
وفيهم السلبي المنتقد الذي يعرف نوايا الناس بالشم والظن والاعتقاد والحدس والتخمين، ولا هدف له سوى الانتقاد لكل شيء؛ لأنه إما معتوه، أو جاهل وإمكانياته الفكرية محدودة فيعوض نقصه بالتعليق على أفكار الآخرين وانتقادها وإن كان على باطل..! وإما حاقد وحاسد وغيور لا يحتمل أن يكون أحد أفضل منه، ولديه الجرأة في أن يحكم حتى على النوايا التي لا يعلمها إلا الله!! المهم عنده التشكيك والتجريح والحط من قيمة وقدر وفكر من يرى أنهم أفضل منه ومن يرى أنهم يقدمون للمجتمع ما لا يملكه ولا يستطيعه، وهذا النوع من الناس لا تراهم ولكن تستدل عليهم بسقم تعليقاتهم الساذجة والسخيفة في وسائل التواصل الاجتماعي، نسأل الله أن يشفيهم.مما هم فيه!
وفيهم المحايد، والذي يجب على المجتمع أن لا يتركه كذلك وأن يتعرف على ظروفه وأسباب عزوفه عن مشاركة المجتمع همومه وقضاياه، حيث يمكن أن يكون لدى هؤلاء المحايدين (المنعزلين) ما يبرر سلوكهم، وبالتالي يتم استقطابهم والإفادة منهم ومن قدراتهم وأفكارهم البناءة التي قد تخدم المجتمع.
وفيهم المريض بالحقد والحسد والغيرة الذي ينصب نفسه من قادة ورموز ومثقفي المجتمع، يتحدث باسمه وكأن لديهم عطاء يعتد به، وهو في حقيقة الأمر جاهل ولديه ضحالة فكر وغياب رؤية، لا يجيد إلا التجريح والتشكيك في نوايا الناس والنباح إن هو سمع صوتا مخلصا ولو من بعيد..! ودائما تراه متجهم ومتوجس ! يحسب أن كل صيحة عليه ضلالة..! لا يرى غيره إلا شر وضد الخير، وهو وحده راعي الاستقامة والوصاية على المجتمع، وهذا النوع من الناس يجب عدم التهاون معه واستهدافه بالتوجيه والتعليم والتثقيف والتوعية، لأن تركه يعطي صورة سيئة وقاتمة ومتخلفة عن المجتمع برمته، بل وعن الوطن، ولمثل هذا النوع من الناس في المجتمع نقول وبكل محبة: يا ناس ارحمونا وارحموا أنفسكم وارحموا مجتمعكم ووطنكم، والله يرحم امن عرف قدر نفسه.!
وفيهم الايجابي الذي يحب مشاركة مجتمعه ويحترم نفسه ويحترم الآخرين ويقدر أراء الناس ووجهات نظرهم الشخصية وإن اختلف معهم، وشعاره: الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وقاعدته قاعدة الإمام الشافعي الذهبية رضي الله عنه في احترام الرأي والرأي الأخر: "قولي صحيح يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب". وهذا عليه مسؤولية مجتمعية واجتماعية كبيرة ودور قيادي وريادي، ويجب أن يمكن من القيام بدوره تجاه مجتمعه.
إن الأشخاص الايجابيين، هم بعطائهم وأخلاقهم من يعد من رموز وقادة ومثقفي المجتمع،،حيث يملكون المعرفة والقدرة والرغبة في تقديم ما لديهم من علم وفكر وإبداع وابتكار وكل عطاء مميز بكل حب ووفاء وإخلاص، وجعله في خدمة المجتمع وتنميته، ولذلك نناشد كافة أفراد المجتمع؛ مسؤولين وقادة ورواد، العمل على تمكينهم والوقوف بجانبهم في تذليل كافة الصعاب التي تحول دون إسهامهم في القيام بواجبهم تجاه مسؤوليتهم المجتمعية والاجتماعية، والحرص على شكرهم وتكريمهم وتشجيعهم، لأن المجتمع لا ينهض إلا بجهود هؤلاء وإن كانوا قلة وعملة نادرة.
بقلم
د. هلال محمد العسكر