إن الخطاب الدعوي الإسلامي أو ما يسميه بعضهم الخطاب الديني مر بمراحل عدة وفي كل مرحلة كان له ما يصنعه ويشكله، ولن أتشعب كثيرا في ذكر المراحل التاريخية لهذا التغير ، وسأكتفي بذكر نموذجا واحد كان له صياغتان في ظاهرها الاختلاف وفي باطنها التنوع .
والمتتبع للواقع والمستقرئ لما كتب عن ذلك
يجد أن أكبر حدث اتضحت ملامح التغيير بعده ألا وهي ( أزمة الخليج )
والتي قد أثارت بدايات تحول في الخطاب عن ما كان عليه قبل الأزمة .
والذي نحى منحى أخر من الشدة في الإنكار وإيضاح الخطر المترتب على الدخول في هذا الصراع المفتعل للوصول لما لم يكن الوصول إليه إلا بهذه الطريقة ، وخطر الاستعانة بالقوى الغربية وعلى رأسها محور الشر أمريكا ، حتى وصل بالأمر لمواجهة القوى السياسية بذلك صراحة إما لهم خاصة أو بإعلان ذلك للجماهير , حتى بات الأمر يدعو للقلق والترقب ،
ثم ظهرت فتنة البث الفضائي وكان الشبح المرعب والخوف الداهم من أن يغير مفاهيم المجتمع بغزو فكري نابع من الثقافة الغربية بصوت عربي إذ كان الغرب هو المصدر الأول لهذا البث وهو المتملك للأقمار الاصطناعية .
. فتم إخماد هذا النوع من الخطاب الذي يظهر في ملامحه القسوة والشدة .
إن الدعاة في السابق لم يكونوا في شدتهم تلك خارجين عن طريق الهدى ولم يجنحوا عن جادة الصواب بالقدر الذي نسميه غلوا أو تجني على الشريعة أو تهورا أو همجية بل كانوا يعلمون أن كل زمان يأتي هو شر من سابقه كما وصفه المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما كانوا يجهدون في دعوتهم تلك لعلها تؤخر عجلة الزمان في حلول التغير الغير مرغوب فيه , وحاولوا مواجهة التيار بشتى الطرق لتبرئة الذمة ، ولعلهم ينالوا أجر الإصلاح ,إلا أن الوقت كان أسرع والدفع كان أقوى لذلك لزم من الحكمة مصافحة القوة من غير انكسار ، ومسايرة التيار من غير خضوع في محاولة مستمرة للتغيير ولكن بطريق أخرى ،
عندما تغير خطاب بعض الدعاة لم يكن في غالبه تغيرا عن الخطاب السابق إلا من جهة اختلاف التنوع وليس التضاد ، وتنوع في الوسائل مع بقاء الغايات ،
الدعاة في السابق وقبل أن يجثم البث الفضائي الذي فتح الناس على الحضارات كانوا في ليلهم ونهارهم ينادون للرجوع لحياة السلف للعودة للعهد النبوي أو القرون المفضلة كحد أدنى ، وهو نفسه ما ينادون به اليوم ولكن مع هذا التوسع في دائرة الاختلاط الحضاري لم تعد القضية والخطاب لذلك المجتمع الواحد الذي تحده حدود اجتماعية وتقيده عادات وتقاليد في غالبها متشابه
بل أصبح الحال ولوازم المقال مع مجتمعات قد لا تشترك معنا إلا في مسمى الإسلام والعبادات الظاهرة وقد تختلف اختلافا كليا في العادات والتقاليد
لذلك كان من الحكمة إعادة صياغة الخطاب ، وتنويع اللهجات واستخدام كل الوسائل المتاحة التي لم يتحقق فيها الإجماع بالمنع منها علها تلبي الحاجة التي من شأنها جمع الشتات ، وإيصال الصوت إلى أكبر شريحة ممكنة في البشر , ومن أجل إعادة المهابة العالمية لهذا الدين .
لذلك لم يعد الخطاب المتشدد الذي يطالب التغيير بالقوة وسرعة رؤية النتائج ، لم يعد مناسبا ليردع الناس أو ليحدث تغيرا سريعا
وأقصد بالخطاب المتشدد في لهجته وحدته وليس بمضمونة لان المضمون قد يكون صحيحا لكنه صبغ بلون لا يتوافق ولم يعد يكن مقبولا
ومع ذلك هناك من بعض الدعاة وأهل الفضل يعد أن من الخطابات الجديدة في حقيقتها تمييعا للدين وإضعافا للالتزام بالنص الشرعي , وأنه جرأ بعضا ممن لاخلاق لهم بالتسلق على جدران الحصن الإفتائي فأخذ يطرح رأيه في ثوابت شرعية لا تقبل الجدال والنزاع فقال برأيه ضاربا بذلك إجماع من سبقه من العلماء ومنهم أعلى منه شأنا بحجة أن الدين ليس كهانوتية وأنه ليس حكرا على أحد , وأن النص متاح لكل من يفهم العربية أن يوجهه على فهمه , لذلك بقي صوتا يطالب الدعاة والعلماء بالبقاء على الخطاب السلفي الواضح دون تغيير أو مجارات أ ومجاملة حيث أنه لا يصلح أخر هذا الزمان إلا بما صلح أوله , وأنه لا يجوز التنازل عن أي مطلب من مطالب الشريعة مهما كانت الظروف ، ويلزم المناداة والأمر والنهي باستمرار لإعادة أي مطلب حدث عليه تغيير أو تشويه ولو كلف الأمر الشيء الكثير
وكل ذلك من باب سد كل النوافذ أمام أي حادث أو طارئ قد يتسبب في تغيير الثوابت على حساب المستجدات ..
وفي الختام أقول : أن هذا العرض المختصر السريع إلى كل من يرمي الخطابات الدينية في صندوق واحد ويحكمها بحكم واحد ، ويتجنى عليها بتهم لا تليق بها ، فكما أن الخطابات الأخرى تحمل تنوعا كبيرا في الفكرة والمضمون فكذلك الخطاب الديني يحدث له كما يحدث لغيره ، فعليكم بالعدل والإنصاف والتروي . وترك التصنيفات التي لم نجني من وراءها إلا النفرة وبعد المسافة .
ودمتم بحفظ الله
[ALIGN=CENTER][COLOR=red]
عبد الله المسلم
m-7b-m@hotmail.com
[/COLOR[/ALIGN]]
التعليقات 2
2 pings
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
11/06/2011 في 3:39 م[3] رابط التعليق
لم تستعرض لنا الخطاب الديني الحالي ؟ وماذا استقر به الحال ؟
(0)
(0)
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/kharjhom/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
24/08/2011 في 6:34 م[3] رابط التعليق
ان الخطاب الصحوي يجب ان يدرس مستقلا عن جميع الخطابات الدينية السابفة فمنشاء الخطاب الصحوي هو منشاء انساني ولابد من دراستة بوسائل التحليل النفسي الاجتماعي ولماذا نشاء هذا الخطاب الصحوي وماهي اسبابة ومبرارت نشؤؤة في ظل مجتمع متدين هل كان الخطاب الصحوي تمردا على الدين او تمردا على المجتمع او الظام السايسي
(0)
(0)