مع تقدم العمر وطول الصحبة والعشرة يصعب على الإنسان في الغالب أن يتخذ قرار من هذا النوع ، لأن الأنسان بطبعه جبل على الألفة والتعود للأشخاص والأشياء التي اعتادها زمنا طويلا . خاصة إذا تكلمت عن هذه العلاقة الوثيقة والتي امتدت لسنوات ، أحيانا تكون من المرحلة المتوسطة أو الثانوية ، وبهذا القرب والملاصقة والملازمة والملامسة بين هذين الاثنين .
أما بالنسبة لي فقد بدأت حكايتي معها من الصف الثاني ثانوي ، عندما كنت أدرس في ثانوية الملك فهد المطورة بالخرج آنذاك ، ولا زلت أذكر أحد المعلمين الذي اكتشف هذه العلاقة مبكرا وسخر مني وقال دعها لمن يستحقها ، فأنت لست كفؤا لمثل هذه الأشياء .
انقطعت علاقتي بها سنتين او أكثر وبعد ذلك احتجت لها ، واشقت لها عندما صارحني أحد الأطباء الذين كنت أزوره سرا بعد التعب الذي أصابني بسبب انقطاعي عنها ، فقال لا بد من العودة لها ، مهما كان الثمن ، فلن تستطيع العيش بدونها ، ولن تنفعك أي وسيلة أخرى لتغنيك عنها .
عندها ولصعوبة الظروف المالية استدنت وتكلفت ماديا حتى استطعت العودة إليها والتمتع بها وأنا اتذكر كل ما تقدمه لي من خدمات ، فهي تريني أشياء كنت لا أراها لولاها بعد الله ، وكنت لا أفارقها إلا عند النوم ، وكانت تزورني حتى في المنام ، كنت أحبها جميلة ونظيفة ، انزعج لو يدنسها أو يكدر صفوها أي شيء ، فسرعان ما ابادرها وامسح عنها ما يكدرها ، لم أتضايق يوما وأنا أحملها معي يوما بعد يوم ، أو أخجل أن يراها أحد بصحبتي ولكن هذه هي الأيام .
شاء الله أن يفرق بيننا الظروف والتطورات في حياتنا اليومية ، فمع تقدم العمر ، ومع تطور وتوسع وسائل التقنية ، لم أعد استطيع تحملها وتحمل أعباءها ، فكان القرار الحاسم في وقت يصعب فيه التردد وهو تركها للأبد ، والاستغناء عنها ، لعلني أرتاح بعد هذه العشرة الطويلة ، وابقى لوحدي بدونها .
اكتب هذه الاسطر وأنا أنتظر دوري الآن في صالة الانتظار بمركز البصر لطب العيون للدخول على الاستشاري الدكتور عادل المهنا ، لكي يجري لي عملية ال pro liyzak لتصحيح النظر بعد معاناتي طيلة هذه السنوات مع نظارتي الغالية الحبيبة وأنا أودعها وأقبل أطرافها .. وداعا حبيبتي مهما طالت العشرة .