يعد مفهوم الذكاء العاطفي من المفاهيم الحديثة التي دخلت مجال السلوك التنظيمي في المنظمات ، فالدراسات الحديثة في منظومة العمل الإداري أشارت إلى أن الذكاء المعرفي الذي يخول صاحبه للحصول على شهادة، لا يزيد تأثيرة عن ٤-٢٥٪ فقط من نجاح الأفراد وصاحب هذا الذكاء عادةً غير ناضج لا مهنيا ً ولا اجتماعيا ً وعلى النقيض من ذلك يمثل الذكاء العاطفي ٨٥٪ من نجاح الأفراد ، حيث يقف الذكاء العاطفي على رأس الأنماط الأخرى من الذكاءات المتعددة فهو الأكثر خطورةً والأكثر أهمية وتأثيراً في حياتنا وعلاقاتنا وتواصلنا كبشر على جميع المستويات وفي كل الميادين .
ماهو الذكاء العاطفي ؟
هو القدرة على التقاط الرسائل العاطفية للآخرين وفهمها وادراكها وإدارتها وهذه ميزة لا يتمتع بها كل الأشخاص على مستوى واحد ، وللتنشئة الأسرية والمدرسية في مراحل الطفولة العمرية الأولى أهمية بالغة في تمتع هذا الطفل راشد الغد بمستوى مقبول ولائق من الذكاء العاطفي .
واذا ما رغبنا في تحقيق تقدم حقيقي في منظماتنا فعلينا من خلال سياسة الإندماج إعادة تنظيم برامجنا العقلية وإرساء مرونة إدارية تلتقي في نقطة تقاطع الذكاء العاطفي الذي يتمثل في القدرة على تفهم الشعور الشخصي وشعور الآخرين والتعامل معها ، وإن أهم مايميز ذكاء العلاقات في بيئة العمل مايطلق عليه "فن الاستماع " فعند امتلاك الشخص لتلك المهاره فهو يستمع إلى الكلمات بنسبة ٣٠٪ ويلتقط الألفاظ بنسبة ١٠٪ ويبقى ٦٠٪ لما يعرف بلغة الجسد ، فالاستماع ليس مهارة فحسب انما وصفة أخلاقية يجب أن نتعلمها فالأشخاص الذين تنقصهم هذه الوصفة يشكون من اعاقة عاطفية عقلية وهذا ما أطلق علية العلم اليوم مسمى " الأمية العاطفية أو أمية المشاعر " ، فعدم القدرة على الحوار في بيئة مجتمعات العمل على وجه الخصوص ماهي إلا مايطلق عليه حاله استعصاء ، فأُس النضج العاطفي هو الاستماع، وافتقار القدرة على امتلاك هذه المهارة والحوار مع الآخرين بين أفراد المنظمة يُشخص بما يسمى "المونولوجات الجمعية " فلا يستطيعون فهم بعضهم البعض بل الكل يريد الحديث ويجهز للرد السريع على الطرف الآخر، فأدبيات فن الاستماع في حواراتنا قليله وينتهي الأمر بنا إلى حوار لا يسمن ولا يغني من جوع.
إن الإستماع للآخرين والتعاطف معهم شرط من شروط القيادة الناجحة وأصحاب العرجة الفكرية الذين يعتقدون أن القيادة القوية التي تُهين مشاعر الآخرين ولا تهتم بها مخطئون تماما ً ، فدراسات عدة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية على عدد كبير من مدراء الشركات أثبتت أن القادة الأكثر نجاحاً هم الأكثر قدرة على التعاطف مع موظفيهم ولا تعارض بين أن يكون القائد حازما ً ومتعاطفا ً في الوقت ذاته ، وقد وصف الله تعالى نبينا محمد وهو من أعظم القادة فقال ( ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ(159)﴾
فالآراء الفكرية ماهي إلا أذواق فكرية مختلفة ومن جمال الإعجاز الرباني أننا خُلقنا مختلفين في طريقة تفكيرنا ، فالرأي الآخر ملك للإنسان الآخر ونحن لانملك إلا الطرق على أبواب الآخرين بلياقة تناسب صاحب الدار ، فعقل الإنسان الآخر منزله الخاص به ، ولابد أن نمتلك مهارة وأدب اللقاء الفكري مع الآخر ونحترم الملكية العقلية لهذا الإنسان فعدم احترام الملكية الفكرية للإنسان الآخر نوع من العنف الفكري الغير مرغوب .
فلنضع لشركاتنا النفسية غربال نسمية "تقوى الله " يغربل كل الشوائب ويطردها من ذواتنا ويجعلنا نقرر بشكل سليم ونحب بشكل جميل ونسلك سلوكيات راقيه مع الآخرين ، ولنوظف مراقب جودة داخلي "نيه صالحة وحسن ظن "
عندها سوف تعم حالة الإنسياب وتحسين الأداء والإنتاجية والفعالية الإدارية والرضا الوظيفي للعاملين بالمنظمات ...
[CENTER]بقلم /صالحة الغامدي
إدارة تعليم الخرج[/CENTER]