في استمرار الجدال، في المناهج الدراسية في السعودية، يُبرز الموقف من «التصوير» حال التناقض التي يواجهها عقل الطالب السعودي، إذ يدرس في مادة «التوحيد» بالصف الثالث ثانوي أن التصوير محرم، بينما يجد في كتاب العلوم كثيراً من الصور لبشر وحيوانات، معتمدة لتسهيل الشرح.
ووفقا لصحيفة الحياة جاء في كتاب مادة «التوحيد» أن «التصوير الفوتوغرافي» مسألة مُختلف فيها فقهياً، فيما جاءت الصفحة التالية بعكس ذلك، عندما تضمّنت الحُكم الشرعي لتصوير ذوات الأرواح بوصفه «محرماً، ومن كبائر الذنوب». وذُكر في الكتاب تحت خانة «التصوير المنهي عنه»: «تصوير ذوات الأرواح، مثل الإنسان والحيوان، أما ما لا روح فيه فيجوز تصويره ورسمه، مثل الأشجار والجبال وغيرها»، ولم يكتفِ كتاب «التوحيد» بالتصوير الفوتوغرافي فقط، بل طاول الفنون التشكيلية كالنقش على الأحجار والرسم والنحت، واصفاً إياها بأنها من الكبائر، مكتفياً بإجازة التصوير، الذي يكون في إطار الحاجة، مثل الصور المستخدمة لبطاقات الهوية، أو لجوازات السفر، مبيّنة أنه لا مانع «شرعياً» يظهر من استخدامها، وأما صور غير ذوات الأرواح المأخوذة من طريق الكاميرات الفوتوغرافية «فهي تدخل في مجال الاختلاف».
وتم رصد في الموقع الإلكتروني الخاص بفتاوى اللجنة الدائمة لهيئة كبار العلماء، فتوى قديمة حرمت التصوير بكل أشكاله، سواء أحُمل عليه تصوير ذوات الأرواح أم لم يحمل، مفيدة – أي اللجنة – بأن الصور تستثنى في حالات معينة فقط، وهي ما تدعو إليها الحاجة في الهوية الوطنية، أو جواز السفر. ويأتي هذا الجدل في عصر أضحت فيه الهواتف المزودة بتقنية التصوير هي السائدة في التواصل، وبات السعوديون من أكثر شعوب العالم إقبالاً على موقع «آنستغرام» الخاص ببث الصور، محتلين المرتبة الرابعة عالمياً من حيث عدد الحسابات في «آنستغرام».
وأكد عضو مجمع الفقه الإسلامي الدكتور حسن بن سفر أن الفقهاء على اختلاف في هذه المسألة، فهناك من أجازه على الإطلاق، وآخرون قيّدوا التجويز بالأوراق الرسمية والتعليم، ومنهم من حرّم التصوير ثم أطلقوه عموماً ما لم يدخل فيه غش وخداع. وقال سفر إن الأصل في التصوير مباح، ولا يؤخذ للتسلية، «ولكن في محيط الأسرة لا مانع فيه، والأعمال بمقاصدها، فإن خرج التصوير من إطاره الصحيح إلى المفسدة يكون حراماً». وأشار اختصاصي علم النفس المشرف على وحدة علم النفس العيادي في جامعة تبوك الدكتور فلاح العنزي إلى أن فكرة الاتساق العقلي ثبت أنها غير صحيحة، إذ إن الفرد يحمل كثيراً من التناقضات داخل عقله، وينجح في عزلها بعضها عن بعض.
وأشار العنزي إلى أن التغيرات المتسارعة في المحيط الثقافي تتيح للناشئة مشاهدة الكثير من المتناقضات، والتعايش «وربما التعود عليها لدرجة أنها لا تشكل للفرد أية أهمية» – على حد قوله – موضحاً أن التناقض في التصوير لا يمثل أزمة داخلية في عقل الطالب.